لماذا نتسمى بالسلفية وننتسب إليها؟ وهل هذا بدعة ؟

لماذا نتسمى بالسلفية وننتسب إليها؟ وهل هذا بدعة ؟


~~~~~~~~~~

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين0

عن ابن مسعود (رضى الله عنها) عن النبي(صلی الله علیه وسلم ) قال:

(خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته) (صحيح الجامع الصغير: 3295) .

من هم السلف الصالح؟

قال الله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة : 100].


عن ابن مسعود (رضى الله عنها)
عن النبي(صلی الله علیه وسلم ) قال:(خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته) (أخرجه البخاري: 2652، ومسلم: 2633،211) .

قال إبراهيم: وكانوا يضربوننا على العهد والشهادات .

وعن عمران بن حصين (رضى الله عنها)
قال: قال النبي(صلی الله علیه وسلم ): (خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) ـ قــال عمران: لا ادري أذكر النبي(صلی الله علیه وسلم ) بعد قرنين أو ثلاثة ـ قال النبي(صلی الله علیه وسلم ): (يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السِّمَن ) ( صحيح الجامع الصغير: 3317) .

عن أبي هريرة (رضى الله عنها)
قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وسلم ) (خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم ـ والله أعلم أذكر الثالث أم لا ـ ثم يخلف ـ أقوام يحبون السمانة، ويشهدون قبل ان يستشهدون)(1)(1)( وله أربع طرق: في مسلم: 2534 والإمام أحمد: 2 /297، 340، وأبو نعيم في: حلية الأولياء: 2/78، وكذا البخاري 3557)).

عن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل رجل رسول الله (صلی الله علیه وسلم ): أي الناس خير؟ قال:
(القرن الذي انا فيه، ثم الثاني، ثم الثالث) (أخرجه مسلم: 2536).

عن النعمان بن بشير (رضى الله عنها)
قال: قال رسول الله (صلی الله علیه وسلم ):

(خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي أقوام تسبق شهادتهم أيمانهم، وأيمانهم شهادتهم) (أخرجه أحمد: 4/ 267 و276 و277ـ278، وابن أبى شيبة في المصنف: 12 / 177، وصححه الشيخ الألباني في: صحيح سنن الترمذي: 3859، راجع أصل المبحث للفائدة ـ شرح مرويات السلف ـ) .

عن جابر بن سمرة (رضى الله عنها)
قال: خطب عمر(رضى الله عنها)
الناس بالجابية، فقال: إن رسول الله(صلی الله علیه وسلم ) قام في مثل مقامي هذا وقال: (أحسنوا الى أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي قوم يحلف أحدهم على اليمين قبل أن يستشهد، فمن أحب منكم أن ينال بحبوحة الجنة، فليلزم الجماعة؛ فإن الشيطان مع الواحد؛ وهو من الإثنين أبعد، ولا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما، ومن كان منكم تسره حسنته، وتسوؤه سيئته؛ فهو مؤمن)(2)(2)( (له طرق أخرجها ابن ماجة: 2363، والنسائي في: الكبرى: 7 / 15 ـ تحفة الأشراف و الطحاوي في: شرح معاني الآثار: 2 / 284 ـ 285 وغيرهم، وصححه الشيخ الألباني في: سلسلة الأحاديث الصحيحة: 430، وللفائدة راجع أصل المبحث)) .

وفي الباب عن مجموعة من الصحابة: منهم بريدة بن الحصيب، وسعد بن تميم، وجعدة بن هبيرة، وسمرة بن جندب, وأبي بزرة، وجميلة بنت أبى لهب، وأنس، وجابر بن عبد الله (رضى الله عنها) . وري مرسلا عن عمر بن شرحبيل، وقتادة رحمهم الله
(ولمزيد الفائدة راجع أصل المبحث ـ شرح مرويات السلف)
.

ينبغي لسالك المنهج السلفي على بصيرة، وهذا شرطه:

(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [يوسف: 108].


ان يعلم ان مدلول هذه الكلمة يعلو من آصار الحزبية المقيتة، ويسمو فوق دهاليز السرية المميتة، لأنها واضحة كالشمس في رابعة النهار: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت: 33] . وهذه الكلمة من حيث اللغة تدل على من تقدم وسبق بالعلم والإيمان والفضل و الإحسان .

قال ابن منظور: (والسلف أيضا من تقدمك من آبائك وذوي قرابتك الذين هم فوقك في السن و الفضل، ولهذا سمي الصدر الأول من التابعين السلف الصالح ) (لسان العرب: 9 / 15).

قلت ـ أي الشيخ سليم ـ: ومنه قول رسول الله (صلی الله علیه وسلم ) لابنته فاطمة الزهراء (رضي الله عنها): (فإنه نعم السلف انا لك) (أخرجه مسلم: 2450 و 98) .

وروي عن النبي (صلی الله علیه وسلم ) قوله لابنته رقية (رضي الله عنها) عندما توفيت:

(ألحقي بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون) (ضعيف ـ أخرجه أحمد: 1 / 237 و 335، وابن سعد في الطبقات: 8 / 37، وأعله شيخنا الألباني رحمه الله في الضعيفة: 1715 بيعلى بن زيد بن جدعان . أهـ).

أما ((الإصطلاح)) فهو وصف لازم يختص عند إطلاقه بالصحابة (رضى الله عنها) ، يشاركهم فيه غيرهم تبعا و اتباعا كما في قوله تعالى:

(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) [التوبة: 100] . قال القلشاني: ((السلف الصالح، وهو: الصدر الأول الراسخون في العلم، المهتدون بهدي النبي(صلی الله علیه وسلم )، الحافظون لسنته؛ إختارهم الله سبحانه وتعالى لصحبة نبيه(صلی الله علیه وسلم )، وإنتخبهم لإقامة دينه، ورضيهم أئمة الأمة، وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده، وأفرغوا في نصح الأمة ونفعها، وبذلوا في مرضاة الله أنفسهم .

قد أثنى الله عليهم في كتابه بقوله: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح: 29] . وقوله تعالى: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحشر: 8] .

وذكر تعالى فيها المهاجرين والأنصار ثم مدح إتباعهم، ورضي ذلك ومن الذين جاءوا من بعدهم، وتوعد من خالفهم واتبع غير سبيلهم فقال: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) [النساء: 115]
فيجب اتباعهم فيما نقلوه، واقتفاء أثرهم فيما عملوه، والإستغفار لهم قال تعالى: (( و الذين جاءوا من بعدهم )) وأقر أهل الكلام تقديمهم وحديثهم بهذا الإصطلاح: قال الغزالي معرفا كلمة السلف: ((اعني: مذهب الصحابة والتابعين)) (الجام العوام عن علم الكلام: ص: 62) .

وقال البيجوري: ((والمراد من السلف من تقدم من الأنبياء والصحابة والتابعين وتابعيهم (رضى الله عنها) ))(شرح جوهرة التوحيد: ص 111).

قلت ـ أي الشيخ سليم قد تناقل أهل العلم في القرون المفضلة هذا المصطلح للدلالة على منهج الصحابة ومن تبعهم بإ حسان:


1ـ قال البخاري قال: راشد بن سعد: (كان السلف يستحبون الفحولة؛ لأنها اجرى واجسر) (فتح الباري: 6/ 66) .


قال الحافظ ابن حجر مفسرا كلمة السلف: (أي: من الصحابة(رضى الله عنها)
ومن بعدهم )) . قلت: أي الشيخ سليم: المراد الصحابة (رضى الله عنها) ؛ لأن راشد بن سعد تابعي، فالسلف عنده الصحابة لا ريب .

2ـ قال البخاري: باب ما كان السلف يدخرون في بيوتهم وأسفارهم من الطعام و اللحم وغيره )) (المصدر السابق: 9 /552) . قلت: أي الشيخ سليم: المراد الصحابة (رضى الله عنها)
ومن بعدهم بعدهم

3ـ قال البخاري: وقال الزهري في عظام الموتىـ نحو الفيل وغيره: (أدركت ناسا من سلف العلماء يمتشطون بها، ويدهنون فيها، ولا يرون بأسا) (المصدر السابق: 1 / 342).

قلت ـ أي الشيخ سليم: المراد الصحابة (رضى الله عنها)
لأن الزهري تابعي .

4 ـ أخرج مسلم من طريق محمد بن عبد الله قال: سمعت علي بن شقيق يقول: سمعت عبد الله بن المبارك يقول على رؤوس الناس: (دعوا حديث عمرو بن ثابت؛ فإنه كان يسب السلف) (المقدمة: ص / 16) .

قلت: أي الشيخ سليم: المراد الصحابة (رضى الله عنها) .

5 ـ قال الأوزاعي: (اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح؛ فإنه يسعك ما وسعهم) (أخرجه الآجري في الشريعة: ص: 58 .

قلت أي الشيخ سليم : المراد الصحابة (رضى الله عنها) .

ولذلك؛ فكلمة (السلف) اكتسبت هذا المعنى الاصطلاحي والذي لا يتجاوزه الى غيره،

أما من حيث (الزمان) فهي تستعمل للدلالة على خير القرون وأولاها بالاقتداء والاتباع، وهي القرون الثلاثة الأولى المشهود لها بالخيرية على لسان خير البرية محمد (صلی الله علیه وسلم )، ويدخل القرن الرابع في إحدى الروايتين .

ولكن التحديد غير دقيق لحصر مفهوم السلف حيث نرى كثيرا من الفرق الضالة و البدع قد أطلت برؤوسها في تلك الفترة الزمنية، لذلك فوجود الإنسان في ذلك العصر لا يكفي للحكم عليه انه على منهج السلف ما لم يكن موافقا للصحابة (رضى الله عنها)
في فهم الكتاب والسنة، لذلك يقيد العلماء هذا المصطلح بـ (السلف الصالح) .

وبهذا يظهر ان مصطلح (السلف) حين يطلق لا يصرف على السبق الزمني فقط، بل الى أصحاب النبي(صلی الله علیه وسلم ) ومن تبعهم بإحسان .

وعلى هذا الإعتبار استقر مصطلح (السلف)؛ فهو يطلق على من حافظ على سلامة العقيدة والمنهج على ما كان عليه رسول الله(صلی الله علیه وسلم ) وأصحابه قبل الإختلاف والافتراق .

وأما (السلفية)؛ فهي نسبة الى السلف، وهو انتساب محمود الى منهج سديد، وليس ابتداع مذهب جديد .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:


(ولا عــيب على من اظهر مذهب السلف، وانتسب إليـه واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق، فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا) (مجموع الفتاوى: 4/ 149).

وقد يظن بعض الناس ممن يعرفون ولكنهم يحرفون عند ذكر (السلفية): أنها إطار جديد لجماعة إسلامية جديدة انتزعت نفسها من قلب دائرة الجماعة الإسلامية الواحدة، وهي تتخذ لنفسها من معنى هذا العنوان وحده مفهوم معين، فتمتاز عن بقية المسلمين بأحكامها وميولاتها بل تختلف عنهم حتى بمزاجها النفسي ومقاييسها الأخلاقية

وليس لذلك في الواقعة ألبته في المنهج السلفي؛ إذ السلفية تعني: الإسلام المصفى من رواسب الحضارات القديمة، ومورثات الفرق العديدة بكماله وشموله كتابا وسنة بفهم السلف الممدوحين بنصوص الكتاب و السنة .

وهذا الظن إنما صنعته أوهام قوم نفروا من هذه الكلمة الطيبة المباركة التي أصلها ضارب في جذور تأريخ هذه الأمة تلتقي بالصدر الأول حتى زعموا: ان هذه الكلمة وليدة حركة الإصلاح التي حمل لواءها كل من جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده أيام احتلال الإنجليز لمصر .

وقائل هذا الوهم أو ناقله يجهل تأريخ هذه الكلمة الموصولة بـ (السلف الصالح)؛ معنى واشتقاقا زمانا، فلقد كان أهل العلم الأولون يصفون كل متبع لفهم الصحابة (رضى الله عنها)
في العقيدة والمنهج بأنه سلفي
.

فهذا مؤرخ الإسلام الحافظ الإمام الذهبي ينقل مقولة الحافظ الدارقطني: (مــا شيء أبغض إلي من علم الكلام) . ثم يقول: (لم يدخل الرجل أبدا في علم الكلام ولا الجدل، ولا خاض في ذلك، بل كان سلفيا) (سير أعلام النبلاء: 16 / 457) .

وبعد، فهذا المبحث العلمي الماتع منقول ببعض التصرف من كتاب فذ هو (بصائر ذوي الشرف شرح مرويات السلف) للشيخ ابي أسامه سليم بن عيد الهلالي
(ص 9 ـ 23) .


نقلته لأخواني عموما للإفادة والإستفادة .

وهنا ايضا فائدة سلفية طيبة:

سئل سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز ـ اسكنه الله الفردوس الأعلى ـ (هل السلفية من الفرق؟ فأجاب ـ رحمه الله ـ: لا .. ليست السلف فرقة من الفرق...) (وراجع هذا الشريط الموسوم السلفية ليست فرقة من الفرق)..

وكذا للعلامة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ـ اسكنه الله الفردوس الأعلى ـ له مباحثات عدة ومناقشات كثيرة في مسألة التسمي بالسلفية ماتعة ومفيدة .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آلة وصحبة وسلم.

فضيلة الشيخ: سليم بن عيد الهلالي


~~~~~~~