نصيحة ودية إلى أبناء الأمة الإسلامية وحملة الدعوة السلفية
~~~~~~~~~
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .
أما
بعد :
فإنا معشر أمة الإسلام قد ميزنا الله على سائر الأمم بأننا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، قال الله تعالى:
(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )[آل عمران:110].وقال رسول الله (صلی الله علیه وسلم ):
(( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) (صحيح الجامع الصغير: 6250) .وكلفنا ربنا أن نكون قوامين بالقسط، قال الله تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالـِدَيْنِ وَاْلأقْرَبِينَ ) [النساء: 135]
.وأمرنا بالتعاون على البر والتقوى ونهانا عن التعاون على الإثم والعدوان،
قال الله تعالى:
_وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة: 2 ] .وأمر بالجهاد نشراً للدين وذباً عنه؛ الجهاد بالسيف والسنان، وأمرنا بالجهاد بالبيان والحجة والبرهان وهو جهاد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .وأمر بالصدق وتحريه ونهانا عن الكذب وتحريه قال النبي (صلی الله علیه وسلم ):
((عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)) (صحيح الجامع الصغير: 4071) .وحذرنا من الظن الكاذب فقال(صلی الله علیه وسلم ):
(( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)) (صحيح الجامع الصغير: 2679) .وأمرنا بالأخوة والحرص على التآخي قال رسول الله (صلی الله علیه وسلم ):
(( المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه، التقوى هاهنا بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)) ((صحيح الجامع الصغير: 7242) .
وقال رسول الله (صلی الله علیه وسلم ):
((لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله: التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)) (رواه مسلم)، وانظر: (صحيح الجامع الصغير: 7242)
.وأمرنا بالنصيحة قال رسول الله (صلی الله علیه وسلم ): ((الدين النصيحة فقلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )) ( صحيح سنن النسائي: 4200) .وأمرنا بنصر المظلوم والظالم، فقال رسول الله (صلی الله علیه وسلم ): ((انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ قال تحجـزه، أو تمنعـه، من الظلم فإن ذلك نصره)) (رواه البخاري)، وانظر: (صحيح الترغيب والترهيب: 2235)
. وأخبرنا أن الظلم ظلمات يوم القيامة قال الله تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) [النساء:40] .
وقال رسول الله (صلی الله علیه وسلم ) في الحديث القدسي: (( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)) (صحيح الجامع الصغير: 4342) . وحرم الغلو في الدين قال الله تعالى:
( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ ) [النساء:
171]
وقال النبي (صلی الله علیه وسلم ):
(( إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين)) (صحيح الجامع الصغير: 2680) .
وقال الرسول (صلی الله علیه وسلم ): (( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم .. )) (صحيح الجامع الصغير: 7363)
.وحرم التعصب فقال رسول الله (صلی الله علیه وسلم ): ((.. ومن قتل تحت راية عمية يدعوا لعصبية أو ينصر عصبية، فقتلته جاهلية)) (رواه مسلم)، وانظر: (صحيح الجامع الصغير: 6422)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله تعالى): " وليس للمعلمين أن يحزبوا الناس و يفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء بل يكونون مثل الإخوة المتعاونين على البر والتقوى كما قال تعالى:
( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) [المائدة: 2] .
وليس لأحد منهم أن يأخذ على أحد عهداً بموافقته على كل ما يريده، وموالاة من يواليه، ومعاداة من يعاديه، بل من فعل هذا كان من جنس جنكيزخان وأمثاله الذين يجعلون من وافقهم صديقا موالياً ومن خالفهم عدواً باغياً . بل عليهم وعلى أتباعهم عهد الله ورسوله بأن يطيعوا الله ورسوله، ويفعلوا ما أمر الله به ورسوله، ويحرموا ما حرم الله ورسوله ويرعوا حقوق المعلمين كما أمر الله ورسوله، فإن كان أستاذ أحد مظلوماً نصره، وإن كان ظالماً لم يعاونه على الظلم بل يمنعه منه، كما ثبت في الصحيح عن النبي (صلی الله علیه وسلم ) قال:
( انصر أخاك ظالما أو مظلوما )، قيل: يا رسول الله! أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالماً؟ قال: (تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه ) "( المجموع: 28 / 16 ) .هذه الأمور والمزايا العظيمة والمبادئ القويمة يجب أن تقوم بها هذه الأمة وأن ترعاها حق رعايتها أفراداً ومجتمعات وشعوباً وحكاماً، وخاصة العلماء وطلاب العلم، وبالأخص المنتسبون إلى السنة والجماعة .
وإن في تجاوزها أو تجاوز شيء منها فساد عظيم في الدنيا والدين يؤدي إلى طمس هذه المعالم العظيمة وفي ذلك شر خطير وفساد عظيم .
ومما لا يشك فيه عاقل أنه قد حصلت تجاوزات عظيمة وظلم وخيم شديد لمن يقول كلمة الحق، فيرد ما معه من الحق مع تحقيره وإهانته، وهذا شيء بغيض منكر لو صدر من كافر فكيف من مسلم .
فعلى الأمة وخاصة شبابها الذين هم عمادها أن يحترموا الحق ويعظموه، وأن يحتقروا الباطل ويقمعوا أهله كائنين من كانوا، وبذلك يعزهم الله ويكرمهم ويعلي شأنهم، وفي العكس بلاء وضلال وفتن وسخط من الله وعقوبات في الدنيا والآخرة، ومن هذه العقوبات تسليط الأعداء عليهم حتى يرجعوا إلى دينهم الحق، ويلتزموا به حق الالتزام وفق الله الجميع لما يرضيه .
كتبه الفقير إلى عفو الله ومغفرته
للشيخ المحدث العلامة: ربيع بن هادي
بن عمير المدخلي
~~~~~~~~~~~~~~~~